تتيح اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التصديق عليها مع إبداء تحفظات، إذا كانت هذه التحفظات لا تتعارض مع الهدف من الاتفاقية وغرضها. سجلت جميع البلدان المذكورة في هذا المؤشر تحفظات أو اعلان على بعض مواد الاتفاقية، باستثناء فلسطين. تم التحفظ على عناصر رئيسية في الاتفاقية، بما في ذلك الخطوات التي يتعين اتخاذها للقضاء على التمييز، ولا سيما المادة (2)، وتغليب قوانين الأسرة وقوانين الأحوال الشخصية ومدونة الأحوال الشخصية4 القائمة ولا سيما المواد (9) و(15) و (16)، إن تسجيل هذه التحفظات، تشير البلدان إلى أنها لن تلتزم بالمساواة بين النساء والرجال ولن تغير القوانين والسياسات التمييزية المعنية بالقضايا الجوهرية الخاصة بالمرأة، التي تتحفظ عليها، مثل الجنسية (المادة 9)، ومحل السكن (15 (4))، والمساواة في عقد الزواج وفسخه) المادة 16).
تقدم المادة (2) المطلب الأساسي لفحص وتغيير دستور الدولة وقوانينها وسياساتها، ومؤسساتها للقضاء على التمييز ضد المرأة وإبطال "التقاليد والممارسات" التمييزية. أبدت دولتان في المؤشر، الجزائر ومصر، تحفظات على المادة 2، رغم أن دساتيرهما أو قوانينهما الوطنية تحظر التمييز. لذلك هناك تضارب بين التحفظ على الاتفاقية وأحكام دساتير هذه الدول.
كذلك، فإن المغرب وتونس يحتفظان بإعلان حول المادة 2. حيث صرح المغرب بأن الحكومة مستعدة لتطبيق أحكام هذه المادة ما دامت لا تتعارض مع الأحكام الدستورية التي تنظم قواعد توارث العرش المغربي وأحكام الشريعة الإسلامية. وأعلنت تونس أنها لن تتخذ أي قرار تنظيمي أو تشريعي يتوافق مع متطلبات هذه الاتفاقية إذا كان مثل هذا القرار يتعارض مع أحكام الفصل الأول من الدستور التونسي.
مازالت الأردن ولبنان تتحفظان على المادة 9 (2) المتعلقة بالحق في منح الجنسية إلى أبناء المرأة. ويمثل التحفظ على هذه المادة وجود صعوبات تواجه الأطفال، وأمهاتهم، وأسرهم، حيث قد يترتب عليها حرمان الطفل من فرص التعليم أو الرعاية الصحية، أو منع الطفل من بقاءه مع باقي أفراد الأسرة. ويطرح أيضًا مشكلات تواجهها المرأة عند مغادرة البلاد مع أطفالها بدون وجود دليل على تصريح الأب بذلك، حتى لو كان لدى الأطفال جوازات سفر خاصة بهم.
تتحفظ الجزائر على المادة 15 (4) التي تشير إلى حرية الحركة والمساواة في حرية اختيار محل السكن. من شأن التحفظ على هذه المادة الحد عمليًا من فرص النساء في التعليم والعمل. بما أن اختيار محل السكن مازال يقع على عاتق الزوج أو رئيس العائلة الذكر، فهذا يجعل المرأة خاضعة للسلطة الذكورية، ويترك المرأة بلا قوة أو صفة قانونية، أو أي خيارات خارج الأسرة، للتفاوض على هذا الجانب الأساسي من حياة الأسرة.
أبدت الجزائر ومصر والأردن ولبنان تحفظات على الفقرة (1) من المادة (16)، التي تتعلق بالمساواة في عقد الزواج وفسخه. التحفظ على هذه المادة دليل على عدم رغبة الدول في الاعتراف بالمرأة باعتبارها شخص بالغ يتمتع بالأهلية والمساواة داخل الأسرة. يعد هذا الأمر خطيرًا بالنسبة لقدرة المرأة على الاعتناء بنفسها وأطفالها. إذا لم تحصل المرأة على سلطة مساوية لاتخاذ القرارات، ومساواة في الحصول على موارد الأسرة وحقوق مساوية في الميراث، فلا يمكن تركها بدون وسيلة للعيش بعد الطلاق أو وفاة الزوج. بينما تسمح الجزائر ومصر والأردن وفلسطين بتعدد الزوجات في قوانين الأسرة وقوانين الأحوال الشخصية المعمول بها، أكدت لجنة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في عام 1995 أن تعدد الزوجات يشكل انتهاكًا لحقوق الإنسان المقررة للمرأة بموجب المادة (16)5 في لبنان، يُسمح للمسلمين بتعدد الزوجات، وفي المغرب، يسمح بتعدد الزوجات مع وجود قيود أكبر، تُحدد بموافقة القاضي.
صادقت فلسطين على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بدون تحفظات. ومع ذلك، مازال قانوني الأحوال الشخصية المعمول بهما في الضفة الغربية وقطاع غزة يميزان ضد النساء في مسائل تتعلق بالمواد (2) و(15) و (16)، مثل حرية اختيار محل السكن والمساواة في عقد الزواج وفسخه. سجلت جميع البلدان المذكورة في المؤشر، باستثناء الأردن وفلسطين، تحفظات على المادة (29) المتعلقة بإدارة الاتفاقية والتحكيم في حالة وقوع خلاف حول تطبيق أحكام الاتفاقية. بصفة عامة، يشير ذلك إلى تجنب وضع مسألة التوافق مع غرض الاتفاقية موضع التساؤل6
حسبما أعلنت لجنة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، تتعارض هذه التحفظات مع هدف الاتفاقية والغرض منها، وبالتالي تعتبر باطلة. ومن ثم، لن تسمح للدول الأطراف بتجنب التطبيق. تتطلب اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة من الدول الأطراف العمل على تحقيق المساواة الشكلية والعملية، أشارت لجنة الاتفاقية أن المساواة الشكلية، كما ورد في الدساتير والقوانين واللوائح الإدارية، أمر أساسي لتحقيق المساواة الفعلية.
وتبعًا لذلك، من شأن سحب التحفظات التأكيد على التزام البلدان بالمساواة بين النساء والرجال، ويشير إلى التقدم الذي أحرزته في تحسين وضعية المرأة في الواقع، واعتراف بجهود العاملين في الدعوة إلى حقوق المرأة.
4يُستخدم مصطلح قانون الأسرة في الجزائر، وقانون الأحوال الشخصية في مصر والأردن وفلسطين، ومدونة الأسرة في المغرب، ومدونة الأحوال الشخصية في تونس.
5المساواة في الزواج والعلاقات الأسرية) الجلسة الثالثة عشر 1992 (، مستند الأمم المتحدة 38 / A/49 في يناير (1994).
6دليل أكسفورد بشأن اتفاقيات الأمم المتحدة، 2019، ص. 259.